أبو الغوث الأعرابي ومروياته اللغوية
DOI:
https://doi.org/10.32792/tqartj.v2i35.189الملخص
بدأت الرواية اللغوية منذ عصر متقدم ، بعد أن وجد العلماء حاجة ملحّة تدفعهم دفعا ، وتدعوهم إلى جمع اللغة العربيّة خدمة للقرآن الكريم ، وحفاظا على اللغة التي نزل بها ، فطافوا البوادي في قلب الجزيرة العربية ، حرصا منهم على مشافهة الأعراب ، والأخذ عنهم ، وكان هذا ديدن الطبقات الأوَل من اللغويين في القرنين الثاني والثالث الهجريّين وشطرا كبيرا من القرن الرابع ، قلّما نستثني منهم أحدا ، فضلا عن أخذهم عن طبقة من الرواة المتخصصين الذين قدِموا إلى الحاضرة ، وأقاموا فيها ، متّخذين من الرواية اللغوية مصدرا من مصادر رزقهم في القرنين الثاني والثالث ، ثم ما لبث الأمر بالتراجع تدريجيا في أواخر القرن الثالث ، وبدايات القرن الرابع الهجري ، إذ انحسر الاهتمام بالأعراب ممّن قدم إلى الحاضرة، ولم يطمئن اللغويون إلى لغتهم كثيرا ، فلا نجدهم يستشهدون بها ، فإن ذكروها فللاستئناس بها في بيان معرفة العربي لغته ، وأنها ليست حدسا ولا ترجيما ، كما فعل ابن جني مع أحد الأعراب وهو أبو عبدالله محمد بن العساف العقيلي الجوثيّ التميميّ ، قال : من تميم جوثة ، وفصيحا آخر من آل المُهَيّا(١).
وفي الوقت نفسه أخذت الرحلة إلى البادية تخف إلاّ قليلا ، وإن كانت لغة البادية قد حافظت على كثير من صفائها طيلة القرن الرابع الهجري ، وهو ما نجده فيما رواه الأزهري (٢٨٨ـ ٣٧٠ه) عن أهلها بعد أن أُسر في أوائل القرن الرابع الهجري ، أسره القرامطة ، فقيّضت له الظروف من دون قصد أن يلتقي بالأعراب في مواطن سكناهم ، وقد وصف قصّة أسره ، والأعراب الذين وقع في سهمهم ، وما أفاده منهم في معجمه بقوله : ( وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عربا عامتهم من هوازن ، واختلط بهم أصرام من تميم وأسد بالهبير ، نشأوا في البادية يتتبعون مساقط الغيث ... ويتكلمون بطباعهم البدوية ، وقرائحهم التي اعتادوها ، ولا يكاد يقع في منطقهم لحن أو خطأ فاحش ... واستفدت من مخاطباتهم ، ومحاورة بعضهم بعضا ألفاظا جمة ونوادر كثيرة ، أوقعت أكثرها في مواقعها من الكتاب )(٢) ، ومثله الجوهري (ـ٣٩٣ه) ، فقد أشار في مقدمة الصحاح إلى أنه طوّف في ديار ربيعة ومضر لجمع اللغة ، و(تحصيلها بالعراق رواية ، وإتقانها دراية ( قال ) : ومشافهتي بها العرب العاربة في ديارهم بالبادية)(٣) ، ممّا يشير إلى أنه جالس الأعراب وشافههم في ديارهم ، وقد أشار إلى ذلك في طيات كتابه(٤) ، وكان من بين هؤلاء الأعراب أعرابيّ ، ذكره بكنيته ، وهو أبو الغوث الأعرابي ، مما جعلنا نخصص له دراسة خاصة ، تتضمن طرفا ممّا توافر لنا فيما يخص حياته ومروياته لأنه يمثّل ظاهرة فريدة بعد منتصف القرن الرابع الهجريّ ، بوصفه من أواخر الأعراب الذين أخذت عنهم اللغة إن لم يكن آخرهم فعلا ، وقد انفرد الجوهريّ في السماع عنه في الصحاح دون كلّ أحد.
التنزيلات
الملفات الإضافية
منشور
إصدار
القسم
الرخصة
الحقوق الفكرية (c) 2021 أ.د. قاسم محمد كامل السعيدي
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.
تطبق المجلة رخصة المشاع الابداعي (a Creative Commons Attribution 4.0 International) . تسمح هذه الرخصة للمؤلفين بالاحتفاظ بحقوق النشر لأوراقهم. ولكن هذه الرخصة تسمح لأي مستخدم بتحميل، طباعة، استخراج، إعادة استخدام، أرشفة، وتوزيع المقال، طالما يتم إعطاء الائتمان المناسب للمؤلفين ومصدر العمل. تضمن الرخصة أن يكون المقال متاحًا على نطاق واسع قدر الإمكان وتضمين المقال في أي أرشيف علمي.