طبيعة الدليل الرقمي ودوره في تعزيز قناعة القاضي

الملخص

    إنَّ نسبة افلات الجُناة مرتكبون الجرائم الاليكترونية من قبضة العدالة هي نسبة كبير جدا، بسبب عدم امكانية الجهات القائمة على التحقيق من التوصل إلى الدليل على ارتكاب هذا النوع من الجرائم، فضلاً عن تحديد شخصيات مرتكبيها، كذلك عدم التعامل مع الادلة الرقمية المتعلقة بهذا النوع من الجرائم على وفق ما يتميز به من خصوصية تضمن الحفاظ عليه فضلاً عن سرعة اكتشافه مما يؤثر بطبيعة الحال على قناعة القاضي سلبا، الأمر الذي دعانا إلى البحث في حيثيات الدليل الرقمي والوقوف على ما يميزه من خصائص يجب الالتفات اليها، فضلاً عن العيوب التي يمتاز بها عن الدليل في الجرائم التقليدية.    

    اصبح العالم اسير شبكة الاتصال المعلوماتية عبر العالم إذ بات امر الاستغناء عنها شبه المستحيل بحكم تطور الحياة وسرعة الارسال و الاستقبال للمعلومات والإخبار من طرف الأرض إلى اقصاها، ليتلاقى الناس في عالم افتراضي لا تحده حدود، وهي نتيجة طبيعية بحكم منطق التطور، الذي بات يفرض وضعه بكل المقاييس وفي مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية  ليبدأ العصر المعلوماتي الرقمي، بوصفه عصراً مختلفاً عما سبقه من عصور، مكوناً معه مجتمعاً معلوماتيا، من خلال ثورة تكنولوجيا المعلومات التي جمعت بين علمي تكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا الحاسب الآلي، مضيفةً بذلك خطوة كبيرة نحو المعرفة إلى ما شهده العالم عبر قرون خلت من ثورتين، هما ؛ الثورة الزراعية والثورة الصناعية، لكن هذا الأمر او التطور غير المسبوق هو في الحقيقة سلاح ذو حدين، إذ ان استخدام التقنيات المعلوماتية باتت سلاح خطير وفعال قد يفوق في حالة من الحالات اقوى الاسلحة التقليدية، من هنا وعلى وفق هذه الخطورة باتت التقنية المعلوماتية وسيلة او اداة ممكن بواسطتها ارتكاب جريمة لها من الاثار الضارة على المستوى المادي والمعنوي، فضلاً عما يمكن ان تسببه من تكدير صفو الحياة وعم استقرارها، الأمر الذي يحتاج منا البحث عما يمكن ان يحد من هذا السلوك غير المشروع، بوساطة العمل على امكانية سرعة الكشف عنه وقدرة الحصول على دليل التجريم ذات الطابع الرقمي، بغية الوصول إلى تحديد شخصية الجناة، من اجل تعزيز قناعة القاضي لاختلاف هذا النوع من الادلة بناءً على اخلاف نوع جريمة، بالخصوص من الناحية الاجرائية في الوصل إلى الدليل المخزن على دعامة رقمية، وكيفية تحويله إلى دليل على دعامة مادية من اجل تعزيز قناعة القاضي بحكم ما يتميز به هذا الدليل من طبيعة وخصوصية تختلف عن الادلة في الجرائم التقليدية.