تجلّياتُ اللّيْل في البِنْية الإيْقاعيَّة لشِعْر الجَواهري دراسة أسلوبية إحصائية
DOI:
https://doi.org/10.32792/tqartj.v1i32..75الكلمات المفتاحية:
أنا خُلقتُ لأكون شاعراً، كان أهلي نائمون في السطحالملخص
المقدمة كثيراً ما صرح الشعراء بمواقف وظروف وأحداث عاشوها في طفولتهم، ظلت مشاهدها وصورها وأصواتها قابعة في مخيلاتهم وفي ذكرياتهم إلى أن شاخوا، فأصبح لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على مسيرتهم الحياتية عامة والشعرية خاصة، وكثيراً ما وقف الدارسون في الشعر العربي على نتاج شعرائه المبرزين؛ محاولين تفسير العلاقة بين التجربة الحياتية والتجربة الشعرية لديهم وتأثير كل منهما على الأخرى، وهو أمر تهدف إليه هذه الدراسة في تجربة محمد مهدي الجواهري الشعرية ومدى تأثرها بظاهرة "الليل"، خاصة بعد أن وقف الباحث على مقابلة تلفزيونية لهذا الشاعر، أجراها معه المذيع العراقي سفيان جبر في برنامج "لقاء الأسبوع" على تلفزيون الشارقة عام 1990م، إذ يقول: " أنا خُلقتُ لأكون شاعراً، وحين كنتُ طفلاً في السنة الثانية والثالثة، كان أهلي نائمون في السطح، وكنت مشدوداً لنجمة معينة من دون النجوم، كنت آتي بالديك الصغير (الدويك) ليؤذن في السحر، وحين بدأ كان الهرُّ في انتظاره، فخنقه، وكنت أبكي فتأتي والدتي لتمسح دموعي بالمنديل، والله العظيم! لأن الهرّ خنق هذا الصوت، ومن هناك خُلقت شاعراً"([i]). هكذا يحدد الجواهري اللحظة التاريخية الليلية التي بدأت فيها شاعريته، وينقل لنا مشهداً عاش في مخيلته عقوداً طويلة، بين قطبين أساسين؛ هما ظلام الليل وصوت الدويك المؤذن الذي انتهى خنقاً في صورة بشعة، يرويه بتفاصيله في واحدة من أواخر مقابلاته التلفزيونية، وكان عمره وقتها تسعين عاماً، مما يجعلنا نتساءل بمنطقية عن سبب بقاء هذا المشهد بقطبيه في مخيلته كل تلك المدة، وعن مدى تجلّي الليل وأثره في البنية الإيقاعية لنتاج الجواهري الشعري بعد ذلك، الذي بوفرته وتأثيره أصبح يسمى "شاعر العرب الأكبر"([ii]). إن أهمية هذه الدراسة تأتي من التساؤل الماضي ومن أن للجواهري مسيرة تختلف عن بقية شعراء جيله في العصر الحديث، فبالإضافة إلى كونه ينتمي لأسرة علمية وأدبية عريقة, وشارك في العديد من الأحداث السياسية الكبيرة في بلده العراق، وعاش تجربة السجن والنفي والغربة؛ كان صاحب تجربة شعرية فريدة ومعجم لغوي خاص وأذن موسيقية مبهرة، كتب في العديد من الموضوعات، ورافقه شعره في التعبير عن الكثير من المواقف، يلحظ ذلك من يقرأ دواوينه التي امتد زمنها لما يزيد عن السبعين عاماً، وحوت ما يفوق العشرين ألف بيت شعري، كان لورود كلمة الليل واستعمالاتها حظ كبير، خاصة في القصائد المبرزة ذات المناسبات المشهورة. وعلى كثرة الدراسات التي تناولت شعره، وتطرقت إلى الظواهر الأسلوبية والثقافية والكونية والإنسانية والنفسية والاجتماعية والسياسية وغيرها؛ ودرست كذلك الجانب الإيقاعي على وجه الخصوص في شعره، إلا أنني لم أقف في قواعد البيانات العربية الضخمة وفي مواقع المكتبات العربية الكبرى والشبكة العنكبوتية على دراسة واحدة لظاهرة الليل وتجلياتها في البنية الإيقاعية في شعر الجواهري قبل هذه اللحظة، ولم أجد سوى دراستين تتعلقان بهذا الجانب؛ الأولى رسالة علمية بعنوان: البنية الإيقاعية في شعر الجواهري لعبد نور داود عمران في 2008م، ودرس فيها بنية التشكيل الإيقاع للبحور التي نظم عليها الجواهري شعره ودرس الوظيفة الإيقاعية للقافية والروي في شعره، كما تناول الإيقاع الداخلي لكل من المفردة والبيت والقصيدة، وأما الثانية فقد كانت دراسة منشورة في مجلة بحوث في العربية وآدابها بجامعة إصفهان بعنوان: الموسيقى في شعر محمد مهدي الجواهري السياسي، للباحثيْن؛ مرضية آباد وروح الله مهديان طرقبه، ويتضح من العنوان أن الورقة كانت تهدف إلى دراسة نوع واحد من شعر الجواهري وهو السياسي، وكلتا الدراستين لم تشر إلى أثر الليل وتجلياته في البنية الإيقاعية لشعر الجواهري، على عكس هذه الدراسة التي تفترض حضوراً واضحاً لمفردة "الليل" وتأثيراً بيِّناً على مستوى الإيقاع الخارجي والداخلي للقصيدة على حد سواء، وتتوقع أن تجد في شعر الجواهري ما يمكن الاستدلال به على هذا الافتراض. وقد استهدفتْ الدراسةُ ديوانَ الجواهري كاملاً للتحقق من هذا الافتراض، واستقرأتْ أجزاءه السبعة، المطبوعة بقرار صادر من مديرية الثقافة العامة بوزارة الإعلام العراقية عام 1972م، بالاعتماد على تطبيق المنهج الأسلوبي الإحصائي القائم على تحليل المستوى الصوتي، كما قُسمت إلى مبحثين رئيسين؛ مبحث يتناول الإيقاع الخارجي الثابت ومنه الوزن والقافية، ومبحث آخر يتناول الإيقاع الداخلي غير الثابت، خاصة ظاهرة التكرار التي يلجأ إليها الشاعر في أسلوب النداء ليخلق حواراً ليلياً مع الليل ومكوناته وشخصياته، بالإضافة إلى احتواء هذا البحث على المقدمة والخاتمة، علماً أن القصائد التي اختيرتْ لهذه الدراسة هي التي توافر فيها شرطان؛ أولهما: أن يحتوى مطلع القصيدة على مفردة "الليل" أو ما يدل عليه، ثانيهما: أن يكون الليل حاضراً بكثرة في أغلب أبيات القصيدة، وذلك يضمن –في نظر الباحث- إثبات حضور الليل وارتباطه بالموسيقى في ذهن الشاعر وأذنه من الوهلة الأولى لخلق القصيدة، وامتداد هذا الحضور في سائر الأبيات، حيث أن "كل مبدع حالما يشرع في نسج القصيدة تكون لديه طائفة من الانفعالات التي تبحث عن تجسيد إيقاعي يوافقه)، وقد انحصر البحث بهذين الشرطين في ستٍ وعشرين قصيدة من مجمل ما أنتجه الجواهري من قصائد عددها ثنتا عشرة وخمسمائة قصيدة شعرية(، موزعة على أجزاء ديوانه السبعة بصورة متفاوتة ستتضح في ثنايا البحث.التنزيلات
تنزيل البيانات ليس متاحًا بعد.
الملفات الإضافية
منشور
2020-11-16
إصدار
القسم
Articles
الرخصة
الحقوق الفكرية (c) 2020 د. حمد بن محمد الهزاع
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.
تطبق المجلة رخصة المشاع الابداعي (a Creative Commons Attribution 4.0 International) . تسمح هذه الرخصة للمؤلفين بالاحتفاظ بحقوق النشر لأوراقهم. ولكن هذه الرخصة تسمح لأي مستخدم بتحميل، طباعة، استخراج، إعادة استخدام، أرشفة، وتوزيع المقال، طالما يتم إعطاء الائتمان المناسب للمؤلفين ومصدر العمل. تضمن الرخصة أن يكون المقال متاحًا على نطاق واسع قدر الإمكان وتضمين المقال في أي أرشيف علمي.
كيفية الاقتباس
"تجلّياتُ اللّيْل في البِنْية الإيْقاعيَّة لشِعْر الجَواهري دراسة أسلوبية إحصائية". 2020. مجلة اداب ذي قار 1 (32.): 1-22. https://doi.org/10.32792/tqartj.v1i32. 75.