التحديق : ذاكرة التلصص في الرواية العربية

الملخص

يسعى هذا البحث لتسليط الضوء على مصطلح فلسفي بات من أبرز الأدوات المعرفية التي دشَّنتها النظرية النسوية في مقارباتها، وهي تعيد فحص المقولات التي أنتجتها الثقافة في محاولتها لتشييء المرأة ورسم ملامحها الذاتية، ومساهمتها في تحديد الأدوار التي تمارسها وفق قانون تصوغه القوى الذكورية المهيمنة وهي تعاين المرأة وتضعها دائماً تحت المراقبة.

إنَّ قانون المراقبة الذي تحدث عنه معظم فلاسفة الظاهراتية في طروحاتهم عن جدلية الذات والأخر، والغيرية والأنا الهووية، والذات التي  تمتثل لإحساس دائم بمن يراقبها، قد حاز على اهتمام المُنظّرات في الحقل النسوي، على فرض أنّ المرأة في إحساس دائم بمن يراقبها ويحدّق بها حتى تصبح موضوعاً منظوراً إليه، وذاتاً أسهمت في تشكيلها مجموعة من الذوات الخارجة عنها، وعليه كان لابد من مراجعة

حقيقية لفحص المنظومة الثقافية التي شكَّلتها تلك القوى وأسهمت في صياغتها، فمن سلسلة الإعلانات الدعائية والأفلام والأعمال المسرحية، إلى النصوص السردية؛ كان ثمة ما يؤسس القناعات السليمة لتكون المرأة هي المحدَّق بها والماثلة أمام الجمهور والمشاهد والقارئ كونها أصبحت موضوعاً تتعالق معه قضايا في الجسد والإيروتيكا والهوية والأنثوية.

ومن هنا اتجه البحث إلى تقديم المصطلح أولاً، وإلى مقاربة نقدية تستعيد قراءة النتاجات السردية وهي تقدم المرأة من المنظور الرجل ثانياً، محدِّقاً بها وراسماً لها المصير الذي لابد لها من اختياره، وبلا شك ستكون واقعة تحت منظور الرجل وقواه المهيمنة وهي تحاول الخروج من المأزق إلى مسارات أخرى مُنمَّطة أيضاً، وسيكون الرجل حاضراً فيها ومُحدِداً لأبعادها الاجتماعية مسبقاً.