الاحتمال عند ابن يعيش في شرح المفصل

الملخص

    هذا البحث محاولة تتبع الاحتمالات التي يسوقها ابن يعيش، إلا أنه استقصاء يختلف عن مفهوم تعدد الاحتمالات والذي يقصد به تعدد الوجوه النحوية والدلالية ومحاولة الترجيح بينها، بل له صورة أخرى من خلال ذكر المسألة النحوية أو الصرفية أو الصوتية ـــ وحتى يصل أحيانا إلى الشاهد النحوي ــ فيضع له تخريجاً، أو تقعيداً، أو توجيهاً جديداً تحت مسمى الاحتمال مرة، وبلفظ مرادف مرة أخرى. وغالباً ما يكون هذا الاحتمال هو رأيه الشخصي، الذي أراد طرحه من دون الإفصاح علناً، ويمكن تعليله من جهة أنه لا يريد الخروج عن ملة مدرسته و آرائها.

   وينساق الباحث مع ابن يعيش فيضع لذلك احتمالاً من أنه أراد من خلال هذه الطريقة أن يعطي رأياً نحوياً جديداً، أو مغايراً لمدرسته ولكن بطريقة غير مباشرة من دون الكشف عن مراده، أو ربما كان مترددا في هذا الرأي، والدليل أنه لا يكثر النظر أو الاتساع في تحليل وتوجيه احتمالاته وصولا إلى صحة مقولته.       

     ومن أجل سبك مادة البحث وضعت له خطة تكونت في ثلاثة مطالب بعد تمهيد موسوم بـ(الاحتمال النحوي تأصيلاً واستعمالاً)، أبان التأصيل للاحتمال النحوي بشكله المعهود والفرق ما وجدته لدى ابن يعيش، أعقبه المطلب الأول الاحتمال في المسائل النحويّة ، والمطلب الثاني الاحتمال في المسائل الصرفية، والمطلب الثالث الاحتمال في توجيه الشاهد القرآني والشعري، ومن ثم خاتمة بأهم ما توصل له البحث.

    وكان منهج ابن يعيش في جميع مسائله أنه يسرد المسألة ثم يذكر ما ورد فيها من أقوال، وحجج من أجل توجيهها نحوياً وبعدها يورد احتماله أو رأيه الخاص تحت هذا العنوان، فعندما يفرغ من ذكر الأوجه النحوية فانه يصدر حكما بتفضيل أحدها بالاحتمال. وهذا ــ الاحتمال النحوي ــ ليس بجديد أو من صنع ابن يعيش، فالاحتمالات النحوية تزخر بها أمات الكتب النحوية، إلا أن الفرق أنه يحصر الاحتمال لرأيه وحده من دون ذكر احتمالات الآخرين.